يُطل علينا في السابع من آب الجاري يوم الشهيد الآشوري في ذكراه التاسعة والثمانين استحضارا لذكرى مجزرة سميل التي ارتـُكبت بحق شعبنا عام 1933، وقد تزامنت أخيرا مع الذكرى الثامنة لمحطة أخرى من محطات القهر والاضطهاد بحق أبناء شعبنا في الموصل وسهل نينوى، وكذلك أبناء الشعب الإيزيدي وما تعرض له من عمليات قتل وسبي وتهجير على يد الإرهاب الأسود.
ولا يسعنا بهذه المناسبة إلا أن نجدد وقفة الإجلال والإكرام لشهدائنا الأبرار الذين توجوا نضالهم ببذل أغلى ما يملكونه، من أجل قضية شعبهم العادلة وحقوقه المشروعة، وليصبحوا من جهة.. عنوانا ساميا لكل معاني وقيم النضال والتضحية والفداء، ومن جهة أخرى رمزا ومثالا حياً لما تعرّض له شعبنا الآشوري في العصر الحديث من مجازر واضطهادات ومآسٍ ابتداءً من سيفو 1915 مرورا بسميل، ثم صورية 1969 وصولا إلى سيدة النجاة في بغداد 2010 والموصل وسهل نينوى 2014 حيث بلغت بعض هذه المجازر مستوى الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.. ويبقى مطلب ذكرها وتثبيتها في الدستور العراقي وتنفيذ ما يترتب على ذلك مطلبا أساسيا لنا. وألف تحية لهؤلاء الشهداء الأبطال، والسلام لأرواحهم الطاهرة والتجدد الدائم لذكراهم الأبدية.
وإذ نحتفي اليوم بذكراهم العطرة، يبقى واقع شعبنا الآشوري في الوطن بعيدا كل البعد عن مستوى الطموح وما يليق به كشعب أصلي في وطنه وعلى أرضه، ولأسباب متعددة منها ما يتعلق ببيتنا الداخلي واستمرار تشظي أداء تنظيماتنا القومية والسياسية مما يؤدي إلى بعثرة الجهد القومي نحو تفعيل العمل المشترك، والإخفاق في تبني استراتيجية وطنية وقومية موحدة بشأن واقع ومصير شعبنا وقضاياه.
ومنها ما يتعلق بسياسات الفرقاء في الوطن من القوى الكبيرة التي ما برحت تنتهج سبل التفرد بالقرار والسلطة، والسعي لمصادرة بعض حقوق الأقليات ومكتسباتها المشروعة رغم ضآلتها، الأمر الذي لم يعد يقتصر على صعيد شعبنا وحسب بل أيضا على صعيد عموم الساحة العراقية، من خلال التقاطعات القائمة بين هذه القوى المشاركة في صنع العملية السياسية منذ عام 2003، والتي تبرز وتتسع مع كل استحقاق وطني هام، ومن ذلك ما نشهده اليوم أيضا من الانسداد السياسي المستمر منذ نحو عشرة أشهر عقب الانتخابات النيابية الأخيرة في تشرين الأول 2021، وإخفاق هذه القوى في إنجاز أهم الاستحقاقات الدستورية التي تلي الانتخابات، حيث لا زالت الصراعات والتجاذبات قائمة، حتى بل بلغ الأمر مستوى تعطيل العملية السياسية وعودة التظاهرات والاعتصامات، وصولا إلى الدعوة لحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.
وأمام هذا الواقع المرير، لا يسعنا في الختام إلا أن ندعو الجميع إلى اعتماد الحوار الوطني المسؤول والشروع الحقيقي بعملية الإصلاح وتصحيح مسار العملية السياسية في العراق من منطلق تغليب مصلحة الشعب، مؤكدين بدورنا على استمرارنا في سعينا الحثيث لمواجهة كل التحديات والصعاب التي تواجه شعبنا، والعمل الدؤوب من أجل نيل كامل حقوقه المشروعة، وتجديد الدعوة اتنظيمات وأحزاب شعبنا إلى اعتماد وتبني كل ما من شأنه الارتقاء إلى هذا الطموح المشروع، ومطالبة الشركاء في الوطن من القوى والكتل السياسية الكبيرة إلى احترام وإقرار حقوق هذا الشعب والتعامل مع قضاياه كمكون أصيل وشريك في العملية السياسية لا مشارك فيها، وهكذا مع باقي المكونات والأقليات، على طريق بناء وطن آمن مزدهر يسع للجميع قائم على مباديء الحرية والديمقراطية الصحيحة وسيادة القانون وتحقيق العدل والمساواة بين أبنائه جميعا.
المجد والخلود لشهداء شعبنا الآشوري الأبرار.
المجد والخلود لكل شهداء العراق.. وشهداء الحق والحرية في كل مكان.
حزب أبناء النهرين
7 آب 2022