بيان حول إجابات اللجنة العليا للمتابعة والرد على التقارير الدولية في حكومة إقليم كوردستان العراق، حول الانتهاكات الحاصلة بحق شعبنا الكلداني السرياني الآشوري في الإقليم
في الوقت الذي نثمن فيه جهود المنظمات الدولية وتقاريرها الخاصة بموضوع الانتهاكات التي تحصل بحق المكون الكلداني السرياني الآشوري (المسيحي.. كما تسميه التقارير)، تابعنا وبأسف شديد الردود التي ترد على لسان رئيس اللجنة العليا للمتابعة والرد على التقارير الدولية في حكومة إقليم كوردستان العراق، والتي دائما ما تكون على نفس الشاكلة في عدم الإقرار بالتقصير وعدم جدية حكومة الإقليم من خلال عزوفها عن إيجاد الحلول وإيقاف سلسلة الانتهاكات التي يتعرض لها شعبنا. ومما يؤسف له بشكل أكبر أن هذه الردود تصف التقارير الدولية وكما هو منشور على موقع (روداو) بتاريخ 20 / 11 / 2018 بأنها عامة وغير واقعية.
ونجد من الضروري هنا أن نُذكّر بجملة من الأمور المهمة التي تؤكد الانتهاكات بحق شعبنا، وفي الوقت ذاته نُفند إدعاءات اللجنة العليا للمتابعة والرد على التقارير الدولية. ونلخص الأمر في النقاط الآتية:
1. نزاعات الأراضي : لقد بقيت مشكلة الاستيلاء والتجاوز على أملاك وأراضي المسيحيين معلقة إلى اليوم رغم إثارة الموضوع منذ عام 1992 وحتى يومنا هذا، ورغم مرور المشكلة بجملة من المؤسسات والرئاسات في الإقليم لكن دون جدوى تذكر في توفر النية والإرادة السياسية الواضحة لدى القائمين على الحكم في الإقليم لمعالجة هذه الملف الخطير، إضافة الى سياسات التمييز في التعيين وفرص العمل، هذه العوامل مجتمعة أدت إلى إفقار المكون ودفعه للهجرة وبالتالي التغيير الديموغرافي في مناطقه، مما يؤشر إلى مشاركة حكومة الإقليم بصورة مباشرة أو غير مباشرة في عملية إفراغ الإقليم من هذا المكون الأصلي.
وعدم معالجة ملفات الترحيل والتغيير الديمغرافي وبناء المجمعات القسرية على أراضي شعبنا أثناء حكم النظام الدكتاتوري وإبقاءها إلى الآن خير دليل على ذلك.
وفي رأينا فإن هذه المشكلة غير معقدة، وما تحتاجه هو توفر الإرادة السياسية للحاكم بغية معالجتها، إذ أن معظم القضايا ليست بحاجة إلى المحاكم، أما تلك التي تم تحويلها إلى المحاكم.. فقد تم البت فيها وكان القرار لصالح أصحاب الأرض من أبناء شعبنا، لكن الإشكالية تكمن في عدم قدرة الجهاز التنفيذي الحكومي على تنفيذ قرارات المحاكم، وهي إشارة واضحة لسيادة إرادة أشخاص متنفذين على سلطة القانون، ولا يمكن إعفاء سلطة حكومة الإقليم من المسؤولية بحجة إن السلطة القضائية مستقلة، كون تنفيذ قرارات المحاكم من مهام الحكومة وليس السلطة القضائية، وليس من المعقول تسويف الموضوع أكثر مما تم تسويفه بحجة عدم توجه الكثيرين من أبناء شعبنا واللجوء إلى السلطة القضائية.. كون أبناء شعبنا فقدوا الثقة بالعملية، والسبب عينه يعود لعدم تنفيذ قرارات المحاكم. ثم إن اللجنة المشار إليها تقول في ردها على التقارير الدولية بأن هناك قرى مُتجاوز عليها قد تم معالجتها، دون أن تذكر أسماء تلك القرى. والسؤال هنا هو: من هي تلك القرى؟.
2. تعويضات أراضي مطار أربيل الدولي: لقد بقيت هذه المشكلة أيضا دون معالجة تُذكر منذ إثارتها عام 2013 وحتى يومنا هذا. ومن غير المعقول أن تتحجج حكومة الإقليم بالأزمة المالية في عدم معالجة هذه المشكلة، وذلك لكونها أقدم بكثير من بداية الأزمة المالية، لا بل إن الإقليم كان يعيش وضعا اقتصاديا جيدا في فترات معينة لكن للأسف ولعدم وجود الإرادة السياسية لدى المسؤولين أيضا.. فقد بقي الموضوع دون حل، خصوصا أننا نتحدث عن عشرات الآلاف من الدونمات من مساحة تلك الأراضي.
3. القوانين: للأسف الشديد بقي موضوع القوانين المشرعة سلعة لتجميل الواقع المرير لا أكثر، وحتى القانون الوحيد الخاص بحقوق المكونات لعام 2015 بقي دون تنفيذ على أرض الواقع، وإن عدم تنفيذ القوانين الخاصة بالأقليات هو انتهاك واضح وانتقاص من حقوقهم كشعوب أصلية تعيش في المنطقة.
4. الحرية الدينية: لا ننكر أن الحرية الدينية مصانة في الإقليم، وإن استقرار الوضع الأمني كان السبب وراء نزوح المئات من العوائل من المناطق الساخنة في العراق إلى الإقليم قبل وبعد جرائم (داعش)، لكن شعبنا يطمح إلى أكثر من اعتباره أقلية دينية تمارس طقوسها، فهو يطمح إلى الشراكة والمواطنة وسيادة القانون.
5. القوات الأمنية: فيما يخص وجود قوات أمنية مسيحية تابعة لمنظومة دفاع الإقليم (البيشمركة)، فإننا نؤكد أنها قوة شكلية لا حول لها ولا قوة، وما عايشناه في عام 2014 عند اقتحام (داعش) لمناطق سهل نينوى، وما رافق العملية من سحب أسلحة حراسات نينوى وإنسحابها مع البيشمركة وترك الساحة والبلدات يؤكد على شكلية هذه القوة.
كما أن استمرار سياسة حكومة الإقليم والحزب الديمقراطي الكوردستاني في مصادرة إرادة أبناء شعبنا من خلال فرض الأمر الواقع والتدخل الإداري والأمني المرفوض في الجزء الشمالي من سهل نينوى (ما حصل في إدارة ناحية ألقوش نموذجا)، ما أدى إلى تقسيم السهل ومنع أبناء المنطقة من تولي الملف الأمني والإداري. وعوضا عن فرض الإرادة كان الأجدر والأصح احترام إرادة أهالي المنطقة وعبر تسليمها والملف الأمني الى قوة رسمية من أبنائها ضمن المنظومة الأمنية الوطنية بدلا من الإصرار على تكرار أخطاء وتجارب مرحلة ما قبل داعش.
أخيرا.. نود أن نطرح الآتي:
أ. ماذا بخصوص شراكة شعبنا الحقيقية في تفاصيل الحياة السياسية في الإقليم؟، والتمثيل الحقيقي النابع من إرادته.. وليس من إرادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني. ونقصد بذلك: (البرلمان، الحكومة “التي خلت من تمثيل شعبنا منذ أعوام” الأقضية والنواحي، القضاء، الأمن….. إلخ).
ب. ماذا بخصوص مناهج التعليم التي يتم تدريسها لطلبتنا؟، والتي تهدف إلى أدلجتهم بالثقافة والتاريخ القومي الكوردي بشكل واضح. دون أن يكون هناك إشارة إلى بقية مكونات الإقليم، تاريخهم وثقافتهم وحضارتهم ولغتهم وآثارهم التي تتعرض للتخريب المتعمد.
ج. ماذا بخصوص الاغتيالات السياسية بحق رموز وأبناء شعبنا التي مر عليها أكثر من عقدين من الزمن دون أن يُدان الجاني؟. لا بل أنه وفي بعض الأحيان.. كان يتمتع الجاني بالحماية في الإقليم. وفي المقدمة منها ملف قضية اغتيال البرلماني الشهيد فرنسيس يوسف شابو.
د. ماذا بخصوص حقنا الإداري في الإقليم؟.. في المناطق التي يُشكل فيها شعبنا أغلبية أو كثافة تاريخية؟، حيث لا يمكن تعيين مختار قرية بإرادة شعبنا!!.. فكم بالأحرى تعيين مدير ناحية أو نائب محافظ.. إلا بموافقة الحزب الحاكم.
هـ. ماذا بخصوص تجاهل مطالب ممثلي شعبنا في البرلمان حول تعديل قانون الكوتا؟.. لمنع ضخ آلاف الأصوات من قبل الحزب الحاكم لمرشحين محددين موالين له، وبالتالي مصادرة إرادة شعبنا!!. كما حدث في الانتخابات الأخيرة والتي سبقتها.
إن ما ذكرناه أعلاه.. هو مجرد أمثلة وليس العموم. عليه نؤكد نحن في الحركة الديمقراطية الاشورية وحزب أبناء النهرين والحزب الوطني الآشوري، وكما أكدنا مرارا وتكرارا بأن الحرص على التعايش السلمي واحترام حقوق الأقليات لا يكون فقط بالشعارات والخطب الرنانة، بل بالعمل الواقعي الملموس على الأرض. وعلى حكومة الإقليم أن تعيد النظر في استراتيجيتها عند التعامل مع الملفات الخاصة بالمكونات وتحديدا المكون الكلداني السرياني الآشوري الذي لم يبخل بشيء منذ تشكيل الإقليم وما سبق ذلك من أحداث مأساوية لحقت بشعبنا جراء دعمه ومشاركته الفعالة في ثورات (أيلول، كولان) وتقديمه مئات الشهداء، ومذبحة صوريا وتعرضه للإبادة في الأنفالات.
ومما يؤشر سلبا أيضا على إدارة الإقليم، ما يخص الشراكة الحقيقية وتشخيص معاناة شعبنا وما تعرض له من إبادة جماعية على يد النظام الملكي الشوفيني عام ١٩٣٣ واقترافه مذابحة سميل والتي راح ضحيتها آلاف الأبرياء من النساء والرجال، حيث لم يتم الأعتراف بهذه المذابح إلى الآن، وكذلك لا تزال أراضي وممتلكات ضحايا المجزرة بدون أي معالجة تذكر. كل هذه الأمور كانت سببا في تناقص أعداد شعبنا وخسارة أرضه ليصبح اليوم أقلية في وطنه الأم بيث نهرين.
بغداد 26 تشرين الثاني 2018
الحركة الديمقراطية الآشورية
الحزب الوطني الآشوري
حزب أبناء النهرين