تشهد ساحة إقليم كوردستان العراق منذ عدة أشهر تفاعلات وتجاذبات ومواقف متباينة بين الأحزاب السياسية من مؤيد ومتحفظ إزاء موضوع الاستفتاء المزمع إجرائه في الإقليم لانفصاله عن العراق.
وبطبيعة الحال.. فإن ذلك كان قد انسحب على أحزاب شعبنا، خصوصا بعد اللقاء الذي تم بين القائمين على الاستفتاء وأحزاب وتنظيمات شعبنا، حيث تم الاتفاق على أن تـُقدم رؤية مشتركة من قبل أحزابنا حول موضوع الاستفتاء ليتم مناقشتها وإقرارها من قبل اللجنة المكلفة بإجراء الاستفتاء.
إلا أنه وللأسف لم تتحق تلك الرؤية لحد الآن، وكان ذلك سببا رئيسيا حدا بنا للاعتذار عن عدم حضور اجتماع يوم الأربعاء 7 حزيران 2017 والمنعقد في أربيل بين الكتل المنضوية في برلمان الإقليم والذي دعت إليه رئاسة الإقليم.
أما عن موقف كياننا (كيان أبناء النهرين) حول موضوع الاستفتاء، فقد قلنا منذ البداية إن مبدأ حق تقرير المصير مكفول لجميع الشعوب وبضمنها الشعب الكوردي الذي قدم التضحيات الجسيمة لنيل حريته وحقوقه المشروعة، ولكن ذلك لا يمنع من أن نبدي رأينا بكل وضوح وشفافية في الموضوع.. والذي يتلخص بشقين:
الأول: هو أنه ولكي تـُضفى صفة المشروعية على هكذا خطوة، ينبغي أن يتحقق التوافق الداخلي سياسيا، والثاني يتمثل بالجانب القانوني.
فالأول نقصد به التوافق السياسي بين الأطراف كافة، أما الثاني فهو تفعيل البرلمان الذي بات معطلا منذ ما يقارب العامين، حيث أن هذه المؤسسة كجهة تشريعية.. برأينا هي التي تشرّع لهكذا إجراءات وتعطيها الصفة القانونية، وللأسف فإن ذلك لم يتحقق.
كما ينبغي أيضا أن يتوفر العامل الإقليمي والدولي وأن يكون لهما دور إيجابي لإنجاح هكذا مشروع. حيث لا ننسى بأن تشكيل دولة جديدة سيترتب عليه تغيير مهم في الخارطة الجيوسياسية في المنطقة.
من جهة أخرى فإن الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يمر بها الإقليم لا نراها مشجعة لتدعم هكذا خطوة قبل معالجتها وإصلاح الحالة المعيشية للمواطن في الإقليم.
أما بالنسبة لموضوعنا القومي إزاء الاستفتاء، فإننا ننظر إليه كمحطة تاريخية تضعنا أمام مسؤولية كبيرة ينبغي أن نتعاطى معها انطلاقا من ضميرنا القومي وحرصاً على قضية شعبنا العادلة والتي تتمثل بإيماننا ببعض المفاهيم، وقد يأتي في مقدمتها عدم انسجامنا وتوافقنا مع الدولة القومية التي تلبي طموح مكون الأغلبية وتهمش المكونات الأخرى وبضمنها شعبنا.. ليكون غريبا عنها أو ضيفا فيها في أحسن الأحوال.
كما إننا لا نتفق مع إدخال المناطق المتنازع عليها التي تخص شعبنا في الاستفتاء وخصوصا بعد التهجير والنزوح والمأساة التي لحقت بشعبنا حيث لا زال يضمد جراحه. إذ أن أي استفتاء في هكذا ظروف لن يكون عادلا. حيث نؤمن بأن أولويات شعبنا اليوم هي: العودة إلى مناطقه وبناء دياره وتنمية بنيته التحتية وتطبيع أوضاعه وتوفير أمنه.. ومن ثم فلنترك له الخيار.
ومن جانب آخر فإن تجربة شعبنا منذ عام 1961 ولحد الآن لا نراها مشجعة إزاء تحقيق مفهوم الشراكة الحقيقية بكل تفاصيلها اليومية، تلك الشراكة التي لا تدع عند تحققها.. مكانا في نفوس أبناء شعبنا للشعور بالغربة وهم على أرضهم، حيث لا زالت العشرات من قرانا متجاوز عليها دون توفر الإرادة لمعالجتها، وهكذا بالنسبة لحقنا الإداري الذي يتلخص في أن يختار شعبنا بإرادته من يمثله في مناطقه التاريخية. إلى جانب مناهج التعليم التي تـُثقف بثقافة مكون الأغلبية، وغيرها الكثير من المعضلات التي يعاني منها شعبنا في الإقليم منذ عقود دون معالجتها.
عليه.. وإزاء كل ما تقدم، فإننا لسنا مع الاستفتاء الذي يحمّل شعبنا ما لا يتحمله، مع تقديرنا وتفهمنا لطموحات الشعب الكوردي الشقيق في تقرير مصيره.
كيان أبناء النهرين
7 حزيران 2017